vendredi 4 novembre 2011

تدبير الزمن والإيقاعات المدرسية بين الإكراهات والآفاق





محمد عبيد. آزرو 

يعتبر دعم التعليم الأساسي وسيلة إيجاد أنجع الحلول لتنظيم الحياة المدرسية داخل المؤسسة في التعليم الابتدائي والثانوي والإعدادي, وكذا معرفة استعمال وترشيد الزمن المدرسي والإمكانيات المتاحة داخل المؤسسة... وبخصوص تأمين الزمن المدرسي على مستوى إقليم إفران يمكن تسجيل ملاحظة ـ بحسب رأي فاعلين في القطاع التربوي- تهم التلميذ الذي لا يستفيد إلا من 23 في المائة من هذا الزمن المدرسي لأسباب يمكن تلخيصها في الظروف المناخية و الجغرافية للمنطقة و كثرة الإضرابات و الاحتجاجات المنظمة بالإقليم التي همت المطالبة بالتعويضات عن الإقامة و التي وان كانت هذه الإشكالية التي كان مأمولا أن يحسم في أمرها من قبل الحكومة في إطار المرسوم الذي صدر أعقاب الزيادات التي همت موظفي الدولة فان عدم صرفها مع حلول الموسم الجديد قد تجلى من جديد له الأثر الواضح في هاته الحالة من استفحال الإضرابات بإقليم إفران التي فاقت 90 محطة خلال المواسم الأخيرة لتعود خلال الأسبوع الأخير (يومي الأربعاء و الخميس 26 و 27 أكتوبر 2011) .. 

عدة محاور يمكن طرحها في مناقشة الموضوع كونها تتعلق بزمن التعلمات منها ما بقي التساؤل في شانها مطروحا كماهية الحصة الزمنية وهل30 ساعة بالنسبة للتعليم الابتدائي وست ساعات في اليوم بالنسبة للإعدادي, التي هي زمن التعلمات, كفيلة بإعطاء التعلمات الأساسية ؟ وهل في مقدور التلاميذ استيعاب هذه التعلمات أو هو شيء يتطلب حصصا أقل ؟ وكيف يمكن استعمال هذا الزمن ما بين حصص أساسية و فضاءات أخرى (أنشطة داعمة كالتفتح الثقافي والرياضي...) التي تؤهل التلميذ للاندماج في الحياة العامة, ثم كيف يمكن الاستعمال الأمثل والأنجع للفضاءات داخل المؤسسات التعليمية ؟. 

إذ في إطار أجرأة بعض الدعامات الأساسية للميثاق الوطني للتربية والتعليم, وكذا في إطار المخطط الاستعجالي الذي يهدف إلى تسريع وتيرة الإصلاح والإنجاز لتحقيق الأهداف والمؤشرات المخططة في الميثاق. يشكل موضوع الزمن المدرسي الذي يحظى باهتمام وانشغال المسؤولين الإداريين التربويين والمدرسين والمتعلمين وآبائهم وأوليائهم، كون "المغرب كغيره من البلدان, يراهن على إعادة تنظيم الحياة المدرسية لتكون دعامة أساسية في تحسين جودة التعليم وتفتح مواهب التلاميذ من خلال الترشيد الجيد للموارد البشرية والمادية", وتبعا لمختلف التقارير الصادرة بخصوص المنظومة التربوية والمنجزة من طرف اللجنة الخاصة للتربية والتكوين والمجلس الأعلى للتعليم والبنك الدولي, أصبح لزاما على كل الفاعلين في المنظومة التربوية وشركائها التفكير في المجالات والسبل الكفيلة بتحقيق التطوير المستمر لجودة الحياة المدرسية". مادام الزمن المدرسي تتحكم فيه الإدارة والمدرسين والفضاء البيداغوجي والاجتماعي والأكاديمي, وأن الساعة لدى الطفل تكون في طور النمو..

ففي الوقت الذي كان من المفروض فيه تعبئة كل القوى و تظافر الجهود من أجل إخراج قطار الإصلاح التربوي من النفق المسدود تتناسل مرة بعد أخرى صراعات جديدة تضيف إلى الجسد التربوي المترهل والموبوء جرعات أخرى من السموم…الزمن المدرسي يعود إلى الواجهة بكل قوة وحدة رغم مرور موسم دراسي كامل على صدور المذكرة 122 التي أثارت هذا الجدل كله ، والتي رغم كل ردات الفعل العنيفة التي أثارته صدورها السنة الماضية لم تفتح على ضوئها نقاشات لبحث مختلف السبل والرؤى لتفعيل أمثل لمضامين المذكرة مع توفير مرونة كافية تأخذ بعين الاعتبار مختلف الظروف والعوامل . مذكرة مثيرة للمشاكل: بدل انكباب المسؤولين على إيجاد صيغة واضحة قابلة للتطبيق وإصدار مذكرة وزارية ناسخة لمضامين المذكرة 122 أو معدلة لها فقد تركوا الأمور على حالها مما تسبب في خلق فوضى حقيقية… وقدساهم في ذلك “فضفضة “القراءة والتأويل وجعلها مرتبطة بمزاج ورغبات النواب والمفتشين والمديرين…فالبعض لا يرى في المذكرة إلغاء للتوقيت المستمر المعتمد بمقتضى المذكرة (12/08)الصادرة في عهد الوزير السابق إسماعيل العلوي ، بينما البعض الآخر يرفض هذا التوقيت كليا ويرى فيه صيغة غير قانونية... 

المذكرة 122: نصت المذكرة بصراحة على أن أي تصور لتدبير الزمن المدرسي يجب أن يضع مصلحة المتعلم فوق كل اعتبار. فهل المذكرة تخدم مصلحة المتعلم؟ سؤال صعب والإجابة ليست بتلك السهولة كما اعتقد مدبرو الشأن التربوي. فالمبررات المساقة لتذريع ضرورة إلغاء العمل بالتوقيت المستمر تصطدم أمام صخرة الواقع المر والمعقد، فالأبحاث التربوية والنفسية التي لمحت إليها..

المذكرة قاربت الموضوع من زاوية واحدة هي الجانب النفسي ،وإنه لخطأ كبير اعتماد نتائج تلك الأبحاث بحذافيرها وتعميم تطبيق المذكرة دون مراعاة للجانب السوسيولوجي والجغرافي, فنقف وقفة تأملا مثلا بخصوص طفل في سن السابعة من عمره يقطع 5 كيلومترات أو أكثر أربع مرات في اليوم فهل من الممكن له المحافظة على إيقاع تعلمي مكافئ لقرين له يبعد بعشرات الأمتار فقط عن المدرسة؟ على عكس “النية الحسنة” التي ابتغتها المذكرة.. 

و يمكن القول كذلك أن المذكرة قد تسببت في تعميق الجراح حيث كثرت تغيبات التلاميذ القاطنين بعيدا عن المدرسة خصوصا خلال الحصص المسائية. والأكيد أن الظاهرة تستفحل أكثر كلما ازدادت مسافة المدرسة بعدا عن مسكن المتمدرسين… إنه لمن الغباء الاعتقاد بإمكانية فصل مصلحة التلميذ عن مصلحة المدرس…فهذا الأخير لا يعمل دوما في ظروف مثالية ويضطر أحيانا إلى قطع مسافة كبيرة بين مقر سكناه والمدرسة .إن "لجم " المدرس وإرغامه على قضاء اليوم كاملا في الخلاء بعيدا عن أهله، ربما دون أكل ولا ماء ولا مرحاض أيضا ودون كرامة بالتأكيد لن يجعله ذلك مستعدا لأداء مهمته حتى في شروطها الدنيا، فبالأحرى أن ننتظر منه إبداعا وتجديدا …هذا دون الحديث عن مساهمة تذمرهم من هذا الواقع في كثرة تغيباتهم بطرق مشروعة أو غير مشروعة... فأين هي مصلحة التلميذ من كل ذلك ؟ إن تعميم تطبيق المذكرة على الجميع يستوجب وجود تشابه و ليس تباين في الظروف والمتغيرات الواقعية، وكأن الذين صاغوا المذكرة يعتقدون أن مدارس المغرب كلها تشبه مدارس الرباط والدار البيضاء... مما يعقد معه هدف نجاح بيداغوجيا الإدماج ما دام الإصرار على دمج المزيد من المشاكل في المنظومة التربوية.
عن المدرس

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire