
المجلس الأعلى للتعليم مؤسسة دستورية، في الصيغة الواردة في دستور 1996، ذات طابع استشاري يترأسها جلالة الملك بموجب الفصل 32. وقد تمت إعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.05.152 الصادر في 11 من محرم 1427، الموافق ل 10 فبراير2006. وضمن التعديلات الدستورية لسنة 2011 تم توسيع صلاحيات المجلس ليصبح مجال اشتغاله يشمل التربية والتكوين والبحث العلمي.
فضمن هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية التي جاء بها دستور 2011 نص الفصل 168 على أنه يحدث مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. معتبرا المجلس هيئة استشارية، مهمتها إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم التعليم والتكوين والبحث العلمي، وكذا حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بهذه الميادين وتسييرها. كما يساهم في تقييم السياسات والبرامج العمومية في هذا المجال. فكيف يمكن تساهم هذه الهيئة في معالجة أعطاب المنظومة التعلمية لمغرب مابعد دستور2011؟
يرى مصطفى محسن خبير في قضايا التربية والتعليم، أن الأمر يستدعي أولا تشخيصا دقيقا وذات مصداقية لأزمة التعليم في مغرب اليوم. إن ما تعيشه المنظومة التعليمية، وفق محسن، يحتاج إلى وقفة تقييمية عاجلة لإنقاذ المنظمة التعلميمية بكل مكوناتها. ومن مظاهر هذه الأزمة، أولا: غياب رؤية واضحة لطبيعة التعليم الذي نريده. ثانيا:غياب آلية للتقييم والمتابعة مشاكل منظومتنا التعليمية العمومية. ثالثا: بيداغوجيا الإدماج لازالت تثير تساولات وردود فعل نظرا للطريقة التي اعتمدتها الوزارة في تعميم هذه البيداغوجية دون توفير الحد الأدنى من شروط النجاح. رابعا: تحديث البنية التحتية لا زال يعرف تعثرا يربك مخططات توسيع التمدرس التي كانت مرتبطة به.
أما عن دور مؤسسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والتعليم، فيرى محسن أن المطلوب من المجلس تجاوز حالة الركود الذي دخله منذ وفاة مزيان بلفقيه، وإصلاح ذلك الوضع حيث أن المغرب لم يخضع منظومته في التربية والتعليم للنقاش العام الواسع، بل تركها حكرا على جهة واحدة، تقرر فيها لوحدها وفق أهوائها، تفرضها من الفوق، وتعين لها أدوات التنفيذ، دونما استشارة أو قبول بالرأي الآخر، حتى إذا استشارت جهة ما أو جهات، أملاه ذلك عليها سياق التسويغ والتبرير، لا سياق المشورة والأخذ بالرأي النقيض.
إن المطلوب من المجلس، وفق الباحث مصطفى محسن، ايجاد حلول وتقديم اقتراحات لتجاوز عدد من عثرات الماضي في مقاربة الوضع التعليمي والتي كانت تتسم ب: أولا:التعامل مع أزمة التعليم بشكل تقني، وغياب تصور شامل يضع النظام واختياراته تحت المجهر، ويحدد الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة. ثانيا: انفراد الدولة باتخاذ قرارات مصيرية، وتهميش لقوى المجتمع ومختلف المؤسسات والهيئات التي لها علاقة بقطاع التعليم. ثالثا: هيمنة الشعارات، إذ أن كل إصلاح يغرق في تفاصيل جزئية شكلية، ويتجنب التطرق للنقط الأساسية. رابعا: تعامل الخطاب الرسمي مع أزمة التعليم بمعزل عن بقية القطاعات، مما يوحي أن الأزمة تهم هذا القطاع فقط. الحل، حسب مصطفى محسن، يقتضي مواجهة التركة الاستعمارية التي تتجلى في الهياكل، والنخبة، والثقافة المتوارثة، ومحاكمة السياسة التعليمية التي اتُبعت منذ الاستقلال إلى اليوم: سياسة اتسمت بالارتجال، والعشوائية، والنخبوية، والتبعية، سياسة خرجت فئات تختص بتمجيد الإيديولوجية السائدة، تطيعها، وتخضع لها، وتشغل أجهزتها البيروقراطية، وتخدم علاقاتها الخارجية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire