mardi 14 juin 2011

حوار مع المدير العام للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي

قال عبد العزيز عدنان، المدير العام للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، إن تفعيل التأمين الإجباري على المرض بالمغرب منذ سنة 2005 ، وقرار تعميم نظام المساعدة الطبية خلال سنة 2011، شكلا خطوة مهمة في اتجاه تمكين المواطنين من ولوج المرافق الصحية بالقطاعين العام والخاص. واستعرض عدنان في حوار مع «الصباح»، أهم التطورات المسجلة خلال ست سنوات في مجال تدبير التأمين الإجباري عن المرض في أربع نقط. ونبه إلى الانعكاسات السلبية للوقفات الاحتجاجية لمستخدمي الصندوق على المؤمنين. في ما يلي نص الحوار:
هل يمكنكم إطلاعنا على وضعية الصندوق مع قرب انتهاء 6 سنوات على تفعيل مدونة التغطية الصحية؟
لا شك أن المتفحص للتقارير الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، أخيرا،  وللمبادرات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للشغل، سيقتنع بأن الاختيار الذي سلكه المغرب في ميدان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والحماية الاجتماعية، والتغطية الصحية، بالخصوص، كان سليما لأن الدول التي استطاعت أن تضع نظاما متراصا للحماية الاجتماعية مبنيا على التضامن والعدالة الاجتماعية، هي الدول التي كان بمقدورها استيعاب مطالب المرحلة، والانتقال نحو جيل جديد من الإصلاحات يضع الحق في الصحة والحماية الاجتماعية بمفهومها الواسع في صلب آفاق التنمية المستقبلية.
من هذا المنظور، شكل تفعيل التأمين الإجباري عن المرض بالمغرب منذ سنة 2005 ، وقرار تعميم نظام المساعدة الطبية خلال سنة 2011 ، خطوة مهمة في اتجاه تمكين المواطنين من ولوج المرافق الصحية بالقطاعين العام والخاص.
بالنسبة إلى الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، يمكن تلخيص أهم التطورات خلال ست سنوات من تدبير التأمين الإجباري عن المرض في أربع نقط.
أولا، استطعنا تجاوز المرحلة الانتقالية لتفعيل التأمين الإجباري عن المرض عبر وضع العديد من الآليات، كتحيين قاعدة المعلومات المتعلقة بالمؤمنين، ووضع نظام معلوماتي جديد يواكب متطلبات المرحلة، ووضع آليات عصرية لتسيير نظام التأمين الإجباري وخلق هيكلة جديدة للصندوق، إضافة إلى اعتماد التعريفة الوطنية المرجعية بالنسبة إلى الاستشارة وزيارة الطبيب.
ثانيا، استطاع الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي أن يخلق دينامية إيجابية في قطاع الصحة، عبر تعبئة أكثر من 13 مليار درهم لتعويض المؤمنين، ولأداء مستحقات منتجي العلاجات. فنسبة تغطية نفقات المؤمنين انتقلت من 48 في المائة سنة 2004 إلى 77 في المائة، سنة 2010 ، كما أن موارد الصندوق تناهز 3,5 مليار درهم موجهة لتمويل القطاع الصحي.
ثالثا، الشفافية التي أصبحت تميز أداء الصندوق، فخدماتنا الالكترونية تمكن المؤمنين ومنتجي العلاجات من تتبع معالجة ملفاتهم والأداءات لفائدتهم، كما أننا نخضع لافتحاص سنوي خارجي إجباري سجل، أخيرا،  التقدم الإيجابي لحسابات الصندوق، كما نخضع للمراقبة القبلية والبعدية شأننا شأن المؤسسات.
رابعا، أصبح للصندوق تصور لمستقبل توازناته المالية خلال المدى القريب والمتوسط. فمن الضروري، من جهة، إلغاء سقف الاشتراكات وإعادة النظر في نسبة الاشتراكات لتعميم التضامن وضمان استمرارية تقديم الخدمات.
من جهة أخرى، لابد من تفعيل آليات التحكم الطبي في نفقات العلاج عبر مواصلة النقاش من أجل خفض أثمنة الأدوية والتحاليل البيولوجية والأدوات الطبية والحرص على احترام الاتفاقيات الوطنية من طرف منتجي العلاجات واعتماد الدواء الجنيس وغيرها من النقط التي تمس قيمة النفقات الصحية المباشرة وغير المباشرة للمؤمنين. كما يجب محاربة الغش والتحايل، اللذين أصبحا ظاهرة مقلقة تستوجب حلولا أكثر فعالية وصرامة، وهذا ما نحن بصدد تفعيله بتنسيق مع التعاضديات.

يخوض مستخدمو الصندوق منذ أسابيع إضرابات متواصلة عن العمل، وفي هذا الصدد، يتساءل الرأي العام الوطني، عن السبب في استمرار هذه الإضرابات؟
بالفعل، عرف الصندوق وقفات احتجاجية متواصلة للنقابة التي رافقنا منذ أربع سنوات في حوار تدارسنا خلاله العديد من النقط، واستجبنا للعديد منها بكل تلقائية ووعي بالدور الذي تلعبه مواردنا البشرية، والتي يبلغ عددها 600 مستخدم، من أجل إنجاح التغطية الصحية الأساسية.
هكذا، ومنذ دخول التأمين الإجباري، استفاد 125 مستخدما من الترقية الداخلية، كما استفاد 79 مستخدما من إعادة الترتيب، و59 مستخدما آخر من الترقية للولوج إلى السلم 5 في إطار حذف السلاليم من 1 إلى 4.
كما وفر الصندوق النقل الجماعي لحوالي 241 شخص بغلاف مالي يناهز 2.3 مليون درهم أي ما يعادل 800 درهم لكل شخص،  مع العلم أن النقل الجماعي مكن العديد من مستخدمي الصندوق من تفادي أزمة النقل التي عرفتها الرباط خلال السنوات الأخيرة.
بالموازاة مع ذلك، تعاقد الصندوق منذ ماي 2010 مع طبيبة للشغل، كما تم تخصيص مليوني درهم للتكوين، مقابل أقل من 200 ألف درهم سنة 2005، هذا دون الحديث عن الدعم المالي لجمعية الأعمال الاجتماعية لمستخدمي الصندوق التي يدبرها أعضاء المكتب النقابي نفسه منذ عدة سنوات، والذي انتقل من 500 ألف درهم إلى حوالي 2.5 مليون درهم، أي بارتفاع يصل إلى 500  في المائة.
أظن أن أداء الجمعية وجودة الخدمات التي تقدمها يجب أن يرتقيا، خاصة أننا نستقبل أطرا شابة تتطلع، ليس فقط إلى آفاق مهنية رحبة، وإنما لظروف عمل ملائمة ولخدمات اجتماعية لائقة. ولا أظن أن الجمعية تعوزها الموارد، لأنها حصلت على 6 ملايين درهم كدعم منذ دخول التأمين الإجباري عن المرض إلى حدود متم سنة 2010، مما يستوجب إعادة النظر في هيكلة الجمعية وتقييم أدائها لإعطائها نفسا جديدا يمكنها من الارتقاء بالخدمات وتنويعها.

رغم هذه الحصيلة، يحمل المضربون إدارة الصندوق مسؤولية المأزق الذي وصل إليه الحوار بسبب عدم استجابتها إلى الملف المطلبي، ما رأيكم؟
أرى من الخطير أن يشل الإضراب نشاط صيدلية الصندوق التي توفر أدوية مكلفة لمؤمنين يفدون من مدن بعيدة، وبعضهم، إن لم يكن أغلبهم في وضعية صحية حرجة. إنه ببساطة عمل غير مسؤول، وغير قانوني، ولا مبرر أخلاقيا له، ويتعارض مع ديننا الحنيف، وحتى ما هو متعارف عليه دوليا، كما يسائل الحقوقيين ببلادنا. وقررنا أن نحيل على القضاء شكايات تقدم بها مؤمنون مصابون بأمراض خطيرة كالسرطان ومرض القصور الكلوي، لم يتمكنوا من الحصول على أدويتهم، رغم أن وضعيتهم الصحية مهددة بالخطر.
بالموازاة مع ذلك، عرفت وتيرة تسجيل الحالات الاجتماعية للمؤمنين ومعالجة طلبات التحمل وأداء مستحقات منتجي العلاجات وآجال تعويض المؤمنين، تدنيا مهما لأن أيام الإضراب ناهزت 22 يوم خلال الشهرين الماضيين، إلى درجة أن بعض المصحات أصبحت تلغي مواعيد إجراء بعض التدخلات الطبية أو الجراحية في انتظار الحصول على الموافقة على التحمل.
لا أظن أن الاتحاد المغربي للشغل، بماضيه العريق وانخراطه في تفعيل التغطية الصحية الأساسية، يقبل بضرب المكاسب التي حققها الصندوق خلال السنوات الماضية في ميدان الشفافية، وجودة الخدمات، عبر إقحام المؤمنين في هذا الملف الاجتماعي.
بخصوص النظام الأساسي للمستخدمين، الكل متفق على ضرورة توفير نظام جديد يساير متطلبات المرحلة، ويحفز الموارد البشرية المشهود لها بالكفاءة والتفاني، من أجل الرقي بقطاع التغطية الصحية.
وقد استأنسنا بالعديد من الأنظمة الأساسية المعتمدة على صعيد المؤسسات العمومية، بما فيها النظام الأساسي لمؤسسات مماثلة، وتبين أن النظام المقترح من طرف الصندوق يضم العديد من الامتيازات، خاصة أنه يقضي برفع الأجور حسب السلالم وبأثر رجعي، ابتداء من بداية سنة 2010، ما بين 700 و1700 درهم شهريا صافية من الضريبة على الدخل، إذ يصل الفارق بين رواتب الوظيفة العمومية والرواتب المعتمدة في الصندوق ما بين 36 في المائة و91 في المائة .
فأقل راتب بالصندوق لا يقل عن 3400 درهم، كما أن الراتب السنوي لمستخدم بالصندوق مرتب بالسلم 9 يناهز مرتب موظف عمومي مرتب بالسلم 11، هذا مع العلم أن مستخدمي الصندوق سيستفيدون من 600 درهم المقررة في إطار نتائج الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية ابتداء من فاتح ماي 2011.
واستجابة لبعض النقط التي أثارها شريكنا الاجتماعي، ربطنا الاتصال بوزارة الاقتصاد والمالية حول احتساب سنوات أقدمية اعتبارية ل 105 مستخدمين كانوا عرضيين إلى حدود سنة 2006، وتم إدماجهم وترسيمهم من أجل ضمان انخراطهم في الإصلاحات التي أطلقها الصندوق.
وقد أعطت الوزارة موافقتها المبدئية لتلبية هذا المطلب، مما يمهد الطريق لحوار بناء ومسؤول من أجل التوصل لصيغة ترضي جميع الأطراف، بعيدا عن السب والشتم الذي تعرض له العديد من مسؤولي وأطر الصندوق في إطار حملة يقودها بعض الأشخاص لقضاء مآرب شخصية الذين يرفضون، تحت غطاء الانتماء النقابي، اعتماد ضوابط لمراقبة التزام الموظفين بمواقيت العمل وفق المقتضيات القانونية.
متمسكون بالحوار ومحاربة هدر المال العام
نحن متمسكون بالحوار، لكننا لن نخل بحق الصندوق في ضمان استمرارية الخدمات المقدمة للمؤمنين وفي احترام كرامة كل المستخدمين وفي محاربة هدر المال العمومي، لأن الانخراط في مسلسل طويل من الإضراب غايته إيذاء المؤمنين للضغط على إدارة الصندوق للقبول بشروط تمس بالمسؤوليات التي ألقاها قانون التأمين الإجباري عن المرض عليها هي مقاربة غير مسؤولة ولا أخلاقية، وتصب في خانة الفساد. وأود أن أطمئن مؤمني الصندوق أنه تم تجنيد ذوي النيات الحسنة للاستمرار في تقديم الخدمات.
لقد وضعنا تنمية قدرات مواردنا البشرية، وتأهيلها، وتكوينها، ووضعها في مسار مهني واجتماعي محفز، باعتبارها إحدى توجهات مخطط عملنا الإستراتيجي المندمج 2010-2014 الذي عرضناه في 26 مارس الماضي في إطار لقاء لأطر الصندوق والتعاضديات، وبالتالي، سنواصل تحسين ظروف العمل التي نعترف بأنها صعبة عبر إعادة تهيئة العديد من المرافق سواء على المستوى المركزي أو الجهوي والرقي بالأعمال الاجتماعية وفتح آفاق جديدة للتكوين المستمر بالاعتماد على المراكز المتخصصة سواء بالمغرب أو بدول أجنبية، ومواصلة تحسين جودة الخدمات المقدمة للمؤمنين ولمنتجي العلاجات.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire