dimanche 24 avril 2011

سوريا وليبيا... / مراد الصوادقي


"دم الثورة بارودها، فهلاّ وعيتم أوّارها"
بعد الثورتين المباركتين في تونس ومصر، غاب عنصر المباغتة وزالت الدهشة والحيرة والإضطراب،
وذهبت الصدمة المفاجئة والإمتحان الكبير للحفاظ على المصالح والأهداف الستراتيجية في المنطقة. وصار واضحا أن أي محاولة تالية، ستكون متمثلة بالإنتفاضة الليبية واليمنية والبحرينية. وكأن الحالة الليبية كانت معدة مسبقا ومهيأة والأدوار فيها موزعة، لكي تعطي درسا قاسيا للشعب وتعلمه أن الإستبداد أرحم من الثورة، والخنوع والخضوع أسلم من الحرية، وأن الكرامة تعني قول نعم، والتصريح بلا، له أبهض الأثمان.
هذا هو المطلوب تنفيذه وإثباته، وأكدته الأحداث في ليبيا وكيف تعامل المجتمع الدولي ورافعي ألوية الحرية والديمقراطية معها. حيث تم مؤازرة طرفي الصراع لإدامته وتحقيق أكبر قدر من الدمار والخراب والعجز والإستسلام والتسليم بالأمر للآخرين، وربما التحول إلى دمى تتحرك وفقا لإرادة المصالح والغايات البعيدة. ففي ليبيا تسير الأمور على هذا الإيقاع، ولو أن البعض يرى بأن الحرية والديمقراطية ستشرق بعد حين، لكنها ستكون أسوأ مما في العراق على مدى ثمانية سنوات.
وعندما نقرأ الحالة في سوريا، فأن الموضوع يبدو وكأنه سيتخذ المسار الليبي، وفي هذلك طامة عربية كبرى، وفناء للوجود الثوري وقتل لإرادة الحرية والتقدم والسعي لنيل الكرامة الإنسانية. ويُخشى أن تنزلق سوريا في الوادي الليبي ويدخل المجتمع في حروب أهلية ضارية لا تنهي، لأن أطرافا عديدة ستشارك في الصراع لتحقيق أهدافها ومصالحها الكامنة في التداعيات والويلات العربية.
ومن المحزن أن المؤشرات تؤكد بأن سوريا على حافة الهاوية، وأنها على وشك الإنزلاق والدخول في نفق لا يعرفه ضوء الحياة. وفي هذه الأوقات التاريخية المصيرية الحرجة، يتطلب الحذر والقدرة على إستشراف المستقبل، وفهم العناصر الفاعلة، وما هي نتائج التفاعلات القائمة في معادلة المصير السوري. فإذا أبقت القيادة السورية على نمطية تفكيرها ونظرتها، فأنها حتما ستنحدر إلى الحفرة الليبية، وتقع الواقعة. أما إذا تمكنت من إبتكار الوسائل الكفيلة بالحفاظ على قوة وسلامة سوريا، فأنها ستنجح في هذا الإمتحان الصعب الخطير.
ومن أهم عوامل النجاح هو الإصغاء للشباب وعدم سفك قطرة من دمائهم، وأن يكون الأمن والجيش والشرطة وكل أجهزة الدولة مع الشعب. أي أن يكون المجتمع السوري حالة واحدة لا حالتين أو أكثر، وأن يتم تنفيذ إرادة الشعب وإعلاء كرامته وحريته وقوته ودوره في صناعة الحياة الجديدة.
إن سوريا قلب العروبة ومنارتها  ويجب أن تعطي مثلا يُحتذى به لا مثلا منكرا، فسفك الدماء من الآثام الفتاكة التي يصعب مداواتها. وصورة رجال الأمن والشرطة والمخابرات وهم يواجهون أبناء المجتمع لهيّ أقبح الصور وأشدها خطرا على النظام والمجتمع.
إن سوريا في خطر وعليها أن لا تسقط في الحوض الليبي، لأن مثل هذا السقوط سيقضي على الثورة العربية الشعبية الشبابية الساطعة، وسيطفئ أنوار الحرية والديمقراطية، ويحيل المجتمع العربي بأكمله إلى صراعات وتناقضات سلبية قاتلة ومدمرة للحاضر والمستقبل.
إن القيادة السورية أمام أصعب إمتحان في تاريخ سوريا وعليها أن تنجح فيه، لا أن ترسب وترفع رايات الفاجعة الوطنية والعربية. فهل ستتمكن من إبتكار الوسائل الألمعية لتحقيق الإرادة الجماهيرية السورية المنطلقة نحو الغد السعيد؟
إن الجواب سيكون في عهدة الأيام القادمة!!

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire