jeudi 7 avril 2011

اليمن بين صالح وطالح...! / مراد الصوادقي

قد تستغربون إذا قلت لكم بأن الرئيس التونسي سيكون بطل الثورة العربية المتوهجة، بالمقارنة بما يفعله الآخرون من المستعبدن بالكراسي، فإذا قارناه بما يفعله الكرسي الليبي واليمني
وغيرهما من أصحاب الكراسي العربية المتحكمة بمصائر الناس، سيكون من المستحقين للقب البطولة والثورة!
وما جري ويجري في اليمن، لا يمت إلى ما هو صالح، وإنما يتصف بما هو طالح. فقد كان من الوطنية والتعبير الأمثل عن معنى صالح، أن يتفاعل الرئيس اليمني ومنذ البداية بأسلوب يحقق المصلحة الوطنية ويحقن الدماء وينطلق بالبلاد إلى آفاق معاصرة جديدة ذات قيمة حضارية.
ومشكلة السيد صالح أنه صالح للمصالح وليس لغيرها، فهو صالح لتحقيق إرادة الآخرين وغاياتهم وليس للتعبير عن مصلحة أبناء اليمن المطالبين بالحقوق الإنسانية والحرية والديمقراطية. ووفقا لإملاءات المصالح فأن الأحداث تتفاعل وتتطور. وكان السيد صالح على وشك أن يتنازل عن السلطة، لكن المصالح أجبرته على البقاء فيها لحين تقرير مصيره بيديه، فيلطخهما بدماء أبناء الشعب، لكي يتم تسويغ قصاصه ومحاكمته، فلا يجوز لحاكم قد خدم المصالح أن يخرج بكرامة وعزة وشرف، وإنما يجب أن ينخلع ويُطاح به ويُهان ويتدحرج في دروب الهوان.
السيد صالح قد عمل بجد وإجتهاد ووفقا لإستشارات المصالح على تغيير إسمه من صالح إلى طالح. فترانا اليوم نسمع عن طالح في التصريحات التي تطلقها أفواه القوى التي كان عندها يسمى صالحا.
إن مشكلة الكراسي العربية في ركونها إلى الآخرين وتجاهل الشعب، ولو أن أي واحد منهم قد آمن بالشعب وخدم مصالحه، وسعى لتحقيق السعادة الوطنية في بلاده، لما تمكنت منه أية قوة في الأرض. ذلك أن القوى الكبرى تؤمن بالشعب وعندما تجد أن إرادة الكراسي معبرة عن إرادة الشعب، فأنها تحترمها وتخشاها . أما إذا وجدتها مستهينة بشعبها، فأنها تحسبها مناديل ورقية تلقي بها في سلة المهملات بعد إنتهاء إستعمالها.
هذه الحقيقة لم تفهمها الكراسي، ولم تتعظ من تجربة شاه إيران، والتجربة العراقية، بل راحت تتراقص على أنغام الذين يريدونها أن تؤدي مراسيم المنافع والغايات، وعندما ينتهي دورهم يكون مصيرهم واحد لا يختلف عن أقرانهم الذين سبقوهم في مسيرة السقوط من المنارة إلى حفر الإذلال.
فلماذا إختار صالح أن يكون طالحا؟
لماذا أنكر إرادة الشعب اليمني، ولم ينادي بأنه مع الشعب يصغي لمطالبه ويتنازل عن السلطة الآن وفورا وليس بعد أن تدخل البلاد في محنة الصراعات الدامية التي يؤسس لها.
لماذا لا يوجد حاكم عربي واحد يمتلك شجاعة الإنتصار على الكرسي ويعطي مثلا بطوليا واحدا؟
لماذا لم يتفوق حتى الآن أي كرسي على شجاعة ووطنية الرئيس التونسي؟
إن الشعب اليمني يستحق الإحترام والتقدير والقيمة والعزة والكرامة والحرية والديمقراطية، ولا يستحق الرصاص والمواجهات الدامية المتوحشة التي تقدم صورة مشينة للمجتمع، وتجعله يبدو في غاية التخلف والتناحر وعدم معرفة القيمة الوطنية والألفة الإجتماعية.
فقد أصبح واضحا، أن الرئيس اليمني قد إنتزع لقب طالح بجدارة وحماسة، وما عليه إلا أن يجني ثمار ما قام به من أعمال سفكت دماء الآلاف من أبناء الشعب اليمني الأبي الطامح إلى الفضيلة والخير.
تحية للشعب اليمني العربي الصالح الواعد المتوثب نحو الحرية والمحبة والأخوة الوطنية. وتبا للطالح الذي يريد أن يحول البلاد إلى جمر ملتهب كما يفعل زميله في بلاد عمر المختار الثائرة من أجل الحرية والمستقبل السعيد.
والأمل يحدونا بأن يتمم الشعب اليمني أسباب سعادته وحريته وكرامته الإنسانية، برغم الإرادة الطالحة التي تواجهه وتريد النيل من تظاهراته السلمية الحضارية السمات والتطلعات. ولن تنهزم إرادة الشعب ما دام الشعب يريد.
فتواصلوا وتواصلوا فالنصر قريب والفجر لا بد أن يسطع.
واليمن أبدا سعيد!

د-مراد الصوادقي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire